فريد رمضان: حكايتنا البحرينية
«السر وراء اشتغالي في إشكاليات الهوية في أعمالي هو البحث عن ذاكرة مشتركة مع الآخر؛ ذاكرة تؤسس لفهم أوسع، واشتباك أعمق، وانزياح نحو (الأنا) في ذاتها وذوبانها، مذهبها ودينها، إيمانها وكفرها، حقها وحقوقها، ما لها وما عليها.»
السر؛ أن فريد رمضان -وهذا ليس سرًّا- اشتغل على كل ذلك، ليس في أعماله الأدبية فقط بل في حياته، كتابةً وفعلاً وسلوكًا. فريد بحث واهتم و«التفت» إلى كل ما حوله من حياة يخلقها الناس، انتبه إلى كل هذه التفاصيل بين ما هو إبداعي في نتاجه الأدبي وبين ما هو من صميم عمل المثقف بحثًا ومعرفةً وموقفًا ثقافيًا وإنسانيًا. السر كله في هذا الالتفات النادر الذي لا يتقنه الكثيرون، أن تلتفت للحكاية وامتداداتها في التاريخ والشخوص، أن ترى الآخر نظيرك الإنساني بكل حالاته واحتمالاته، أن تكون نصه كما هو نصك، فكرة واكتشافًا وموقفا.
فريد المبدع؛ في مجمل أعماله اشتغل على ثيمة الهوية البحرينية، المكونات الأولى لهذا المجتمع الصغير، تداخلاته، اشتباكاته، ونظر فريد إلى المكان «كموئل هويات متنوعة داخل تركيبة سكانية فريدة للمجتمع البحريني». فريد الذي استفاد من كل الذاكرة البصرية التي عاشها في حي نادر التكوين في المحرق، حي تجمعت حوله جميع العناصر القادمة من هجرات مختلفة، شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، قدمهم لاحقا في روايات ثلاث (التنور، البرزخ والسوافح) ثم في «المحيط الإنكليزي» -آخر أعماله- حيث استكمل مشروعه «في التقصي والبحث في تاريخ وهجرات أخرى، وراح يبحث في تاريخ تجارة الرقيق حول ساحل الخليج والمحيط الهندي والساحل الشرقي من أفريقيا إلى شبه الجزيرة العربية. وصاغ سرديته من نواة حادثة حقيقية تمثلت في غرق سفينة عربية في المحيط الهندي وهي تحمل عبيداً. ومن خلالها تناول سير أو مصائر من كانوا على سطحها، فبرز حجم الألم ومنحنيات الصراع، بحيث شكلت الحروب القبلية وتجارة الرق مساراً تاريخياً مغرياً بالتقصي».
أيضا كتب فريد في المسرح والسينما والفن التشكيلي و،صاحب فنانين تشكيليين في أعمالهم متراصا ومشتبكًا مع الحرف واللون. يقول دائما في حواراته «يدي في كل مكان» كناية عن تعدد الاشتغالات الإبداعية، ولكن يده كانت فعلا في كل مكان، داخل وخارج المشهد الثقافي.
نشر فريد أول مجموعة قصصية له بعنوان «البياض» في العام 1984م. عمل في فترة مبكرة من عمره في الصحافة البحرينية وكتب للإذاعة والتلفزيون العديد من البرامج، كما كتب الإعلانات التجارية والأفلام الوثائقية والأفلام الروائية الطويلة والقصيرة للعديد من المخرجين في البحرين والإمارات العربية المتحدة والعراق وفلسطين. أسس مع المخرج البحريني محمد راشد بوعلي شركة نوران بيكتشرز للإنتاج الفني.
أصدر أول أعماله الروائية «التنور؛ غيمة لباب البحرين» عام 1994م عن منشورات كتاب كلمات التي تصدرها أسرة الأدباء والكتاب في البحرين وفازت روايته «السوافح؛ ماء النعيم» بالجائزة الأولى في حقل الرواية البحرينية من قبل وزارة الإعلام في 2007م. تميزت تجربة فريد رمضان السردية باهتمامها بموضوع الهويات وتنوعاتها والهجرة إلى البحرين خصوصاً ودول الخليج العربية عموماً والتحولات الاجتماعية والاقتصادية التي شكلت واقعها الحالي. يعتبره الكثيرون من أبرز الروائيين الخليجيين الذين اشتغلوا على تفكيك خطاب العنصرية عبر اشتغاله على موضوع الهويات الثقافية في البحرين، حتى أطلق عليه بعض النقاد لقب «روائي الهويات». من أبرز أعماله رواية «المحيط الإنجليزي» وفيلميه الطويلين «حكاية بحرينية» و«الشجرة النائمة».
«أحلم كثيرًا وأرى العالم كتحفة فنية يستحق التأمل، وأنسى كل شيء عدى مواعيد الأدوية والكتابة.»
فريد الإنسان؛ ولد فريد خامساً بين سبعة إخوة من الزوجة الثانية لأب امتهن الغوص لصيد اللؤلؤ. بعد اكتشاف النفط في البحرين في العام 1932م، وانتشار اللؤلؤ الاصطناعي ترك الأب البحر مثل الكثير من البحرينيين وانضم للعمل في مد الأنابيب والحفر. ينتشر في جينات عائلتيه من طرفي الأم والأب حاملي مرض ثلاسيميا ومرض فقر الدم المنجلي الذي نتج عنه ولادة فريد وأكبر أخوته كمصابين بمرض فقر الدم المنجلي. ورغم معاناته الصحية إلا أنه أنهى الدراسة الثانوية تخصص أدبي من مدرسة الهداية الخليفية في العام 1980م. انتقل بعد ذلك لدراسة الطيران تخصص مراقب جوي في كلية الطيران المدني في قطر، ثم غيره لدراسة إدارة أعمال في كلية الخليج للتكنولوجيا في البحرين. حتى حصل على دبلوم حاسب آلي وإدارة أعمال –مركز بورنموث للكمبيوتر والتكنولوجيا– بريطانيا / معهد أوال في البحرين.
بجانب عمله في وزارة المالية والاقتصاد الوطني البحرينية عمل بدوام جزئي في الصحافة البحرينية حتى العام 2003م حيث تفرغ للعمل الصحفي والكتابة الأدبية والإذاعية والتلفزيونية والسينما. شارك في العديد من الملتقيات والمؤتمرات أهمها: صور من الشرق الأوسط في الدنمارك عام 2005م، مؤتمر منظمة القلم الدولية في السنغال عام 2007م. ملتقى القاهرة للإبداع الروائي عام 2005م و 2015م. شارك في الكثير من المهرجانات السينمائية العربية والعالمية، وحكم في بعضها.
فريد الذي ولد في حي من أحياء المحرق المنفتح على هجرات وهويات متعددة، كان يرى هذه التعددية قيمة إنسانية عالية. كان حين يحلم، يحلم للآخر، لحقه في العيش والحلم والأمل. يعمل بكل طاقته للآخر الذي فتح عينيه على مساحة تنوعه وفرادته. و«يلتفت» مرة أخرى لجيل سوف يأتي ويسمي الأشياء بأسمائها.. يقول، ويحرض على الكتابة والفعل.
«نحن في مجتمعات تمتلك طاقة الخفاء، كل شيء يركن إلى الستر والإضمار والكتمان.»
فريد الموقف؛ ومنذ اشتباكه في المشهد الثقافي، اختار فريد الأصعب، أن يكون عينًا ناقدة للوضع المؤسساتي ودور المثقف الحقيقي في رده على ذلك، يضع عنوانًا مباشرًا وصريحًا في ورقته التي نشرها في العام 2007 «الثقافة والديمقراطية: إقصاء لا وصف له» وأثارت ما أثارت حينها من نقاشات عن دور المؤسسة واحتيالاتها حتى سميت بـ«ورقة فريد رمضان» معريّا المشهد آنذاك من كل أقنعته وأسمائه وأرقامه، ليضع أمام المثقف فرصته النادرة لصناعة موقفه.. ورقة تاريخية يحتاج هذا الجيل الذي حلم له فريد رمضان أن يقرأها مجددًا وطويلاً كي لا يتحول المثقف مرة أخرى إلى كونه هو «موطن الخلل» في كل هذا الصراع الطويل لتهميشه أو تدجينه!
الحاجز: يوميات أول فيلم روائي بحريني
رنين الموج: عن سيرة القرية المنسية وكائناتها العاشقة
في القرية المنسية،
هل خبرت القلب و هو يبعثر رسائله ؟
هل جلبت الروح و هي تُعاود المتعبين الذين نسوا أحذيتهم عند باب الجنة، قبل أن يرسلوا خطاياهم إلى معترك الجحيم..
كل الأشياء تبدأ مع رنين الموج، الهمسات و القبلات والثمار، وشجر الريح.كل الأشياء تتوالد مع رنين الموج،حبر الكتابة، مشيمة الحامل، عصاة الأعمى.
نوران
تلك الصغيرة التي تشبهك
البياض
عطر أخير للعائلة
المحيط الإنكليزي
السوافح: ماء النعيم
هذه، رواية جديرة بالقراءة، وقريبة من ملوحة ماء البحرين وأجساد أهلها، وزاخرة بإرثهم الديني وخيالاتهم وتاريخ هجراتهم وأمراضهم، ومسكونة بسرد هجين يمزج التاريخي بالفنتازي بالسيرذاتي كطبائع الكتابة عند فريد.
د. نادر كاظم
يكتب فريد رمضان سيرة المكان بشاعرية بالغة وبطلاقة فاتنة، حيث الذكريات تنتعش والحنين يستاق الماضي من لجامه.
د. صابر الحباشة
أنت أمام عمل فككه مبدعه لتعيد أنت قارئه تركيبه، فالنهاية تبادلت موقعها مع البداية كأنما تتهيأ مع كل صفحة تقرأها ليس لحدث آت وإنما في بعض الأحيان تغدو القراءة تنويعا لأبعاد ذات الحدث من زوايا متفاوتة تبعا لرؤية كل شخصية من شخصياتها الثلاث المحورية، شخصيات محدودة ولكنها ثرية بخلفياتها ومشاعرها وعمق معاناتها.
خلف أحمد خلف
تحتفي هذه الرواية، بمفردات الهجرة والترحال التي شكلت الهوية المميزة للمجتمع البحريني، الخاضع دوماً للتبدلات والتحولات بفعل التنقل الدائم لناسه والوفود القادمة باستمرار لأرضه والتي تتعايش معاً في علاقة من الأخذ والعطاء.
هيا صالح